اضطراب الهوية التفارفي (Dissociative identity disorder)، المعروف أيضًا باسم مرض تعدد الشخصيات، هو حالة نفسية تتميز بوجود شخصيتين أو أكثر داخل الفرد، بحيث تتحكم كل واحدة منها في سلوكه في أوقات مختلفة. عند الانتقال بين هذه الشخصيات، قد يعاني الشخص من فقدان في الذاكرة. غالبًا ما ينشأ هذا الاضطراب نتيجة التعرض لصدمات نفسية. يمكن للعلاج النفسي أن يساعد في التخفيف من الأعراض وإدارتها.
ما هي أسباب اضطراب الهوية التفارقي؟
هناك عدة عوامل قد تؤدي إلى الإصابة باضطراب الهوية التفارقي، منها:
- التعرض لتجارب مرهقة.
- الصدمات النفسية.
- الإساءة بأنواعها.
غالبًا ما تحدث هذه العوامل خلال مرحلة الطفولة، حيث يُعد هذا الاضطراب وسيلة لحماية النفس من التأثير العاطفي للصدمات عبر الانفصال عنها نفسيًا.
ما الفرق بين اضطراب الهوية التفارفي والفصام؟
يُعدُّ الفرق بين اضطراب الهوية التفارقي والفصام جوهريًا، رغم حدوث خلط بينهما. يتميز اضطراب الهوية التفارقي (Dissociative identity Disorder) بوجود هويتين أو أكثر داخل الفرد، حيث تتحكم كل هوية في سلوك الشخص في أوقات مختلفة، وقد يكون لكل هوية اسمها وسماتها الخاصة. يرتبط هذا الاضطراب غالبًا بتجارب صادمة في الطفولة، مثل الاعتداء الجسدي أو الجنسي.
في المقابل، يُعرَّف الفصام بأنه اضطراب عقلي يؤثر على تفكير الشخص وإدراكه، ويتميز بأعراض مثل الهلوسة (سماع أو رؤية أشياء غير موجودة) والأوهام (معتقدات خاطئة) واضطراب التفكير والسلوك. لا يتضمن الفصام تعدد الهويات، بل يؤثر على قدرة الفرد على التمييز بين الواقع والخيال.
من المهم فهم الفرق بين اضطراب الهوية التفارقي والفصام لضمان تقديم العلاج المناسب لكل حالة، حيث يتطلب كل منهما نهجًا علاجيًا مختلفًا.
ما هي أنواع اضطراب الهوية التفارقي؟
هناك نوعان رئيسيان من اضطرابات تعدد الشخصيات، والمعروفة أيضًا باسم مرض تعدد الشخصيات:
- النوع التملكي: في هذا الشكل، تظهر الشخصيات وكأنها كيان خارجي أو روح تتحكم في الجسد. قد يتغير أسلوب الكلام أو التصرفات بشكل ملحوظ للآخرين. يحدث هذا التحول بشكل لا إرادي، وعادةً ما يكون غير مرغوب فيه.
- النوع غير التملكي: في هذا الشكل، تكون الشخصيات أقل وضوحًا للآخرين. قد يشعر الشخص بتغير مفاجئ في إدراكه لذاته، وكأنه يشاهد نفسه من الخارج كما لو كان في فيلم، بدلًا من أن يكون مسيطرًا على حديثه أومشاعره أو تصرفاته.
أعراض اضطراب الهوية التفارقي
تتضمن أعراض اضطراب الهوية التفارقي (DID)، المعروف أيضًا باسم اضطرابات تعدد الشخصيات، ما يلي:
- وجود شخصيتين أو أكثر داخل الفرد، حيث تؤثر هذه الهويات على سلوكه وذاكرته ونظرته لنفسه وطريقة تفكيره.
- فقدان الذاكرة أو وجود فجوات في التذكر، خاصة فيما يتعلق بالأحداث اليومية والمعلومات الشخصية والتجارب الصادمة.
- تأثير الهويات المختلفة على القدرة على التفاعل الاجتماعي أو الأداء في العمل، المنزل أو المدرسة.
بالإضافة إلى ذلك، قد تصاحب أعراض اضطراب الهوية التفارقي بعض المشكلات النفسية الأخرى، ولكنها لا تكون موجودة دائماً، مثل:
- القلق.
- الأوهام.
- الاكتئاب.
- إيذاء النفس.
- اضطراب تعاطي المواد المخدرة.
- التفكير في الانتحار.
ما هي العوامل التي تزيد من خطر الإصابة باضطراب الهوية التفارقي؟
قد يكون لديك احتمال أكبر للإصابة بهذا الاضطراب إذا تعرضت لـ:
- سوء المعاملة الجسدية أو الجنسية.
- الإهمال في الطفولة.
- خضوعك لعدة إجراءات طبية أثناء الطفولة.
- تجارب صادمة مثل الحروب أو الهجمات الإرهابية.
كيف يتم تشخيص اضطراب الهوية التفارقي؟
عادةً ما يقوم أخصائي الصحة النفسية، مثل الطبيب النفسي أو الأخصائي النفسي، بتشخيص اختبار اضطراب الهوية التفارقي من خلال مراجعة التاريخ الطبي للشخص والتعرف على الأعراض التي يعاني منها. قد يجمع الطبيب أيضًا معلومات من أفراد مقربين، حيث يكون المقربون غالبًا أول من يلاحظ التغيرات في الشخصية ويعبرون عن قلقهم.
اختبار اضطراب الهوية التفارقي لا يمكنه تأكيد التشخيص بشكل قاطع، لذلك قد يجري الطبيب فحوصات بدنية وعصبية لاستبعاد أي حالات طبية أخرى قد تسبب أعراضًا مشابهة. كما يقارن الأعراض بمعايير التشخيص الواردة في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية.
بالإضافة إلى ذلك، قد يستخدم الأخصائي أدوات تقييم مختلفة لقياس السلوكيات التفارقية، مثل:
- مقياس التجارب التفارقية: يضم 28 سؤالًا حول التجارب اليومية المتعلقة بالتفارق.
- استبيان التفارق: يحتوي على 63 سؤالًا لتقييم شدة اضطراب الهوية.
- مقياس صعوبات تنظيم المشاعر: يتضمن 36 سؤالًا لقياس قدرة الشخص على التحكم في مشاعره.
نظرًا لارتباط اضطراب الهوية التفارقي بمخاطر التفكير في الانتحار، سيطرح الطبيب أيضًا أسئلة للتعرف على مدى وجود هذه المخاطر وتقديم الدعم المناسب عند الحاجة.
علاج اضطراب الهوية التفارفي
يتم علاج اضطراب الهوية التفارفي من خلال:
- أدوية للتعامل مع الأعراض مثل الاكتئاب والقلق.
- العلاج النفسي (مثل العلاج السلوكي المعرفي أو العلاج السلوكي الجدلي).
أول خطوة في العلاج هي التأكد من سلامتك. يمكن للمتخصص في الاضطرابات النفسية أن يساعدك في اختيار العلاج المناسب.
يركز علاج اضطراب الهوية التفارفي على:
- التعرف على الصدمات الماضية والتعامل معها.
- إدارة التغيرات السلوكية المفاجئة.
- دمج الهويات المنفصلة في هوية واحدة.
- قد تستفيد من العلاج الفردي أو الجماعي أو العائلي.
مضاعفات اضطراب الهوية التفارفي
في حال عدم تلقي العلاج، قد يواجه المصاب باضطراب الانفصال أو مرض تعدد الشخصيات عددًا من المضاعفات المحتملة، مثل:
- صعوبات في الحياة اليومية، مثل انهيار العلاقات وفقدان الوظيفة.
- اضطرابات النوم، مثل الأرق.
- مشكلات في الحياة الزوجية أو العلاقات العاطفية.
- الاكتئاب الحاد.
- اضطرابات القلق.
- اضطرابات الأكل، مثل البوليميا أو فقدان الشهية العصبي.
- الإدمان على المواد المخدرة أو الكحول.
- إيذاء النفس، وقد يصل الأمر إلى التفكير في الانتحار أو الإقدام عليه.
وختاماً، يعتبر اضطراب الهوية التفارقي (اضطراب تعدد الشخصيات) حالة نفسية معقدة تتطلب تفهمًا عميقًا وتعاونًا بين المريض والمعالج والأسرة لتحقيق الشفاء والتمتع بحياة أكثر استقرارًا وسعادة. العلاج المبكر والدعم المستمر يمكن أن يكون لهما تأثير إيجابي كبير على المصابين، مما يعزز من فرص التعافي والعودة إلى حياة طبيعية مليئة بالإنجازات والعلاقات الصحية.
المصادر