اضطراب قلق المرض، ويُسمَّى أحيانًا المُراق أو القلق المَرَضي، هو قلق مفرط من أن تكون مريضًا حالته خطيرة أو أن تصبح كذلك. ويرتبط هذا الاضطراب أحيانًا بوسواس المرض والموت، حيث يشعر المصاب بخوف مستمر من الإصابة بأمراض خطيرة تؤثر على حياته. وربما لا تكون لديك أيُّ أعراض جسدية، أو قد تعتقد أنَّ أحاسيس الجسم الطبيعية أو الأعراض الطفيفة هي مؤشرات لمرضٍ خطير، على الرغم من نفي الفحص الطبي لوجود أيِّ حالات مَرضية خطيرة.
أسباب اضطراب قلق المرض
السبب المحدد للإصابة باضطراب قلق المرض غير معروف، لكن هذه العوامل تلعب دورًا في الإصابة به:
- المعتقدات قد تواجه وقتًا صعبًا لتحمل عدم التأكد من أحاسيس جسدك غير المريحة أو غير العادية. قد يدفعك هذا إلى الاعتقاد بأن كل أحاسيس جسدك تدل على مشكلة خطيرة، مما يزيد من وسواس المرض والموت لديك، فتبحث عن أدلة تؤكد أن لديك مرضًا خطيرًا.
- العائلة يُحتمل بدرجة أكبر أن تشعر بالقلق حيال صحتك إذا كان والداك يقلقان بشدة بشأن صحتهما أو صحتك، مما قد يؤدي إلى زيادة أعراض الخوف من المرض الجسدية لديك.
- التجارب الماضية قد تكون قد واجهت تجربة مع مرض خطير في طفولتك، مما يجعلك أكثر عرضة للشعور بالخوف عند حدوث أي أعراض جسدية، وقد يتطور الأمر إلى إضراب قلق المرض، حيث يصبح التركيز على الصحة مصدر قلق مستمر يؤثر على حياتك اليومية.
هل الخوف من المرض يسبب المرض؟
يُعتبر الخوف المفرط من الإصابة بالأمراض، المعروف باضطراب قلق المرض أو توهم المرض، حالة نفسية يشعر فيها الفرد بقلق مستمر من احتمال إصابته بمرض خطير، حتى في غياب أعراض جسدية ملموسة أو استنادًا إلى أعراض بسيطة لا تشير إلى مرض خطير.
هذا القلق المفرط قد يؤدي إلى ظهور أعراض جسدية ناتجة عن التوتر والقلق، هذه الأعراض قد تزيد من قناعة الشخص بوجود مرض خطير، مما يطرح تساؤلًا مهمًا: هل الخوف من المرض يسبب المرض؟
على الرغم من أن التفكير المستمر في المرض والقلق بشأنه لا يؤديان إلى الإصابة بالمرض نفسه، إلا أن هذا القلق يمكن أن يؤثر سلبًا على حياة الفرد، ويؤدي إلى اضطرابات نفسية وجسدية تتطلب التدخل العلاجي المناسب. لذلك، يعد علاج وسواس المرض والموت أمرًا ضروريًا لمنع تأثير هذه المخاوف على الصحة النفسية والجسدية.
أعراض اضطراب قلق المرض
تنطوي أعراض اضطراب قلق المرض على الشعور بفكرة أنك مريض بشكل خطير، وهذا بناءً على اعتمادك على ظهور أعراض تتمثل في أحاسيس الجسم الطبيعية (كإصدار أصوات من المعدة) أو أعراض بسيطة (مثل الطفح الجلدي الطفيف). قد تتضمَّن العلامات والأعراض ما يلي:
- الانشغال بالإصابة أو التعرض للإصابة بمرض خطير أو حالة صحية خطيرة.
- القلق من أن الأعراض أو أحاسيس الجسم البسيطة قد تعني أنك مصاب بمرض خطير، مما يؤدي إلى أعراض توهم المرض الجسدية.
- أن تشعر بسهولة بالقلق بشأن حالتك الصحية، وقد يتطور هذا القلق ليصبح وسواس المرض والموت.
- الشعور بقدر ضئيل من الاطمئنان أو عدم الشعور بالاطمئنان مطلقًا من زيارات الطبيب أو النتائج السلبية للاختبارات.
- القلق بشكل مفرط بشأن وجود حالة طبية معينة أو وجود خطر للتعرض للإصابة بحالة طبية معينة نتيجة انتشارها في عائلتك، وهو ما يزيد من أعراض القلق والتوتر والخوف من المرض.
- الشعور بقدر كبير من التوتر بشأن الأمراض المحتمل الإصابة بها مما يزيد من صعوبة أدائك لمهامك العادية.
- الفحص المتكرر لجسمك بحثًا عن علامات تدل على وجود مرض ما، مما يؤدي إلى أعراض وسواس المرض الجسدية.
- تحديد مواعيد طبية بشكل متكرر للاطمئنان أو تجنب اللجوء للحصول على أي رعاية طبية خشية معرفة وجود إصابة بمرض خطير.
- تجنب الناس أو الأماكن أو الأنشطة خوفًا من خطورة التعرض لأي مخاطر صحية، وهو ما قد يكون مرتبطًا بـ أعراض وسواس الموت الجسدية.
- التحدث باستمرار عن صحتك والأمراض التي يمكن أن تصيبك.
- البحث مرارًا وتكرارًا عن أسباب الأعراض أو الأمراض المحتملة على الإنترنت.
عوامل خطر الإصابة باضطراب قلق المرض
يبدأ اضطراب قلق المرض في مرحلة البلوغ المبكرة أو المتوسطة، وقد يزداد سوءًا مع تقدم السن. في كثير من الأحيان، بالنسبة للأفراد الأكبر سنًّا، قد ينصب القلق المتعلق بالصحة على الخوف من فقدان الذاكرة أو الإصابة بأعراض وسواس الموت الجسدية.
قد تشتمل عوامل خطر الإصابة باضطراب قلق المرض، المعروف أيضًا باسم وسواس المرض والموت، على ما يلي:
- أوقات ضغوط الحياة الرئيسية
- التهديد بمرض خطير ثم ينكشف أنه غير ذلك
- تاريخ من الإيذاء النفسي كطفل
- الإصابة في مرحلة الطفولة بمرض خطير أو إصابة أحد الوالدين بمرض خطير
- السمات الشخصية، كالشعور مثلًا بأنه الشخص الأكثر مرحًا
- استخدام الإنترنت المفرط للصحة
كيف يتم تشخيص اضطراب قلق المرض؟
لتحديد تشخيص اضطراب قلق المرض، من المحتمل أن تَخضع لفحص بدني لتحديد التشخيص وأية اختبارات يُوصي بها الطبيب. يُمكن أن يُساعدك الطبيب في تحديد ما إذا كان لديك أي حالات طبية تَتطلب العلاج وتَضع حدودًا على الاختبارات المعملية والتصوير والإحالات إلى المتخصصين. كما يمكن أن يساعد هذا التقييم في التعرف على أعراض القلق والتوتر والخوف من المرض وتأثيرها على الحالة الصحية.
يُمكن أن يُحيلك الأخصائي النفسي أيضًا إلى اختصاصي صحة عقلية. يُمكن أن يُقوم بما يلي:
- إجراء تقييم نفسي للحديث عن أعراض وسواس الموت الجسدية، والمواقف الضاغطة، والتاريخ العائلي، والمخاوف أو التحفظات، والطرق التي يُؤثر بها القلق سلبًا على حياتك، بما في ذلك أعراض الخوف من المرض الجسدية مثل التوتر المستمر أو الشعور بآلام غير مبررة.
- الاستفسار عن الكحول والمخدرات أو غيرها من المواد.
- تحديد ما إذا كان من الأفضل تفسير أن الانشغال بالمرض ناتج عن طريق اضطراب عقلي آخر، مثل اضطراب عرض جسدي أو اضطراب القلق العام.
علاج اضطراب قلق المرض
- العلاج النفسي
يُعد العلاج النفسي والذي يُدعى أيضًا بالعلاج بالحوار أحد الوسائل الفعالة في علاج وسواس المرض والموت واضطراب قلق المرض، حيث يساعد في تقليل القلق المرتبط بالصحة والمخاوف المستمرة من الإصابة بالأمراض. قد تُضافُ الأدوية أحيانًا لتعزيز فعالية العلاج.
- العلاج المعرفي السلوكي
الأحاسيس البدنية يمكن إرجاعها للضغط العاطفي والتوتر الصحي، فإن العلاج النفسي بخاصة، العلاج المعرفي السلوكي (CBT) قد يكون علاجًا فعالًا لـ وسواس المرض والموت. يساعد العلاج المعرفي السلوكي (CBT) في تعلم مهارات لإدارة اضطراب قلق المرض وإيجاد طرق مختلفة للتحكم في القلق بدلًا من الاعتماد المفرط على الاختبارات الطبية أو تجنب الرعاية الطبية.
يمكن للعلاج المعرفي السلوكي أن يساعدك في:
- التعرف على مخاوفك ومعتقداتك حول الإصابة بمرض خطير
- تعلم طرق بديلة لفهم أعراض وسواس المرض الجسدية بدلاً من تفسيرها على أنها دليل على مرض خطير
- أن تصبح أكثر وعيًا بكيفية تأثير القلق عليك وعلى تصرفاتك
- تغيير الطريقة التي تستجيب بها لأحاسيس جسمك وأعراضه
- تعلم المهارات للتأقلُم مع القلق والتوتر والتعامل مع المخاوف الصحية بشكل أكثر منطقية
- تقليل التصرفات القهرية مثل الفحص المتكرر للجسم بحثًا عن علامات المرض أو طلب الطمأنينة المستمرة من الآخرين
- تحسين الأداء اليومي في المنزل، والعمل، والعلاقات الاجتماعية
- معالجة أي اضطرابات عقلية مرافقة، مثل الاكتئاب.
بعض العلاجات الأخرى، مثل تقنيات التعامل مع التوتر والعلاج بالتعرض، قد تكون أيضًا مفيدة في علاج وسواس المرض والموت.
- الأدوية
يمكن أن تساعد مضادات الاكتئاب في علاج وسواس المرض والموت وتقليل الأعراض المصاحبة لـ اضطراب قلق المرض، بما في ذلك أعراض وسواس الموت الجسدية. كما أن بعض أدوية علاج اضطرابات القلق والاكتئاب قد تكون فعالة في تخفيف القلق المرتبط بالصحة.
تحدَّث مع طبيبك حول الخيارات العلاجية المناسبة، والآثار الجانبية المحتملة، لضمان الحصول على أفضل علاج لحالتك.
مضاعفات اضطراب قلق المرض
- اضطرابات في العلاقات مع الآخرين أو مع أفراد الأسرة؛ لأن القلق المفرط يُزعج الآخرين.
- اضطرابات في العمل فيما يتعلق بالإنجاز أو الإفراط في الغياب.
- اضطرابات في أداء الوظائف الحياتية اليومية، بل قد يصل الأمر إلى حد الإعاقة.
- مشاكل مالية بسبب الزيارات المتكررة للمراكز الطبية وكثرة الفواتير الطبية.
- الإصابة بأحد اضطرابات الصحة العقلية الأخرى مثل اضطراب الأعراض الجسدية أو أعراض وسواس الموت الجسدية، أو الإصابة بأنواع أخرى من أمراض القلق، مثل وسواس المرض والموت، أو الإصابة بالاكتئاب أو اضطرابات الشخصية.
في الختام، يُعَدُّ اضطراب قلق المرض حالة نفسية تتسم بالانشغال المفرط بصحة الفرد والخوف المستمر من الإصابة بأمراض خطيرة، حتى في غياب أدلة طبية تدعم هذه المخاوف. غالبًا ما يعاني المصابون من أعراض توهم المرض الجسدية وأعراض وسواس الخوف من المرض الجسدية، مما يزيد من إحساسهم بالقلق والتوتر.
يؤدي هذا الاضطراب إلى ضغوط نفسية كبيرة وتأثيرات سلبية على الحياة اليومية. من الضروري تعزيز الوعي بهذا الاضطراب وتقديم الدعم اللازم للمصابين به، لضمان تلقيهم الرعاية المناسبة وتحسين حياتهم.
المصادر
