الرهاب الاجتماعي Social Anxiety

الرهاب الاجتماعي Social Anxiety

الرهاب الاجتماعي هو اضطراب نفسي يتمثل في شعور المصاب بخوف مفرط وقلق شديد في المواقف الاجتماعية، نتيجة تخوفه من تقييم الآخرين له أو خوفه من التعرض للإحراج أو الإهانة. قد يتفاقم هذا الخوف إلى درجة تؤثر سلبًا على أداء المهام اليومية، وقد يدفع الشخص إلى تجنب الخروج من المنزل للدراسة أو العمل.

مؤخرًا، أصبح الرهاب الاجتماعي يُعتبر جزءًا من اضطراب القلق الاجتماعي، وهو أحد أنواع اضطرابات القلق.

من الطبيعي أن يشعر الإنسان أحيانًا بالتوتر أو الإحراج عند مواجهة مواقف معينة، مثل مقابلة أشخاص جدد أو إلقاء كلمة أمام جمهور. ومع ذلك، فإن الأشخاص الذين يعانون من الرهاب الاجتماعي يواجهون مشاعر خوف وقلق حادة تُسيطر عليهم قبل وقت طويل من الحدث نفسه. وقد يمتد هذا القلق إلى مواقف بسيطة مثل الانتظار بين الناس أو شراء بعض متطلباته من المتاجر والتعامل مع الآخرين.

على الرغم من أن المصابين بالرهاب الاجتماعي قد يُدركون أن قلقهم غير منطقي، إلا أنهم يعجزون عن التحكم فيه. يُلاحظ أن اضطراب القلق الاجتماعي أكثر انتشارًا بين النساء مقارنة بالرجال، كما يمكن أن يصيب الأفراد في مختلف الأعمار، ولكنه غالبًا ما يبدأ في مرحلة المراهقة.

ما الفرق بين الرهاب الاجتماعي والقلق الاجتماعي؟

لا يوجد فارق كبير بين القلق الاجتماعي والرهاب الاجتماعي، حيث كان يُعرف اضطراب القلق الاجتماعي سابقًا باسم الرهاب الاجتماعي. قبل عام 1994، كان تشخيص الرهاب الاجتماعي يعني أن الشخص يشعر بالخوف والقلق عند التحدث أو الأداء أمام الجمهور. ومع ذلك، في عام 1994، قام دليل التشخيص والإحصاءات للأمراض النفسية (DSM) بتغيير التسمية إلى “اضطراب القلق الاجتماعي” وتوسيع معايير التشخيص لتشمل القلق والخوف من أن يتم تقييم الشخص أو مراقبته من قبل الآخرين في المواقف الاجتماعية، وليس فقط أثناء الأداء.

أعراض الرهاب الاجتماعي 

الشعور بالخجل أو عدم الراحة في بعض المواقف لا يعني بالضرورة الإصابة باضطراب القلق الاجتماعي.

تختلف درجات الراحة في المواقف الاجتماعية بناءً على طبيعة الشخصية والخبرات الحياتية. فبعض الأشخاص يميلون إلى التحفظ بطبيعتهم، بينما يكون البعض الآخر أكثر اجتماعية.

وعلى عكس القلق العادي الذي يمكن أن يواجهه أي شخص، يتميز اضطراب القلق الاجتماعي بخوف وقلق مفرطين وتجنب يعيقان العلاقات، والروتين اليومي، والعمل، أو الدراسة. 

عادةً ما يظهر هذا الاضطراب في مرحلة المراهقة المبكرة إلى المتوسطة، ولكنه قد يظهر أحيانًا عند الأطفال الأصغر أو حتى لدى البالغين.

أعراض الرهاب الاجتماعي العاطفية والسلوكية

تظهر العلامات والأعراض العاطفية والسلوكية لاضطراب القلق الاجتماعي بشكل متكرر، ومنها:

  • الخوف الدائم من المواقف التي قد تتعرض فيها للحكم السلبي.
  • القلق من التعرض للإحراج أو الإذلال.
  • الشعور بخوف شديد عند التحدث أو التفاعل مع أشخاص غرباء.
  • القلق من أن يلاحظ الآخرون علامات التوتر عليك.
  • أعراض جسدية محرجة، مثل احمرار الوجه، أو التعرق، أو الارتعاش، أو ارتجاف الصوت.
  • تجنب الأنشطة أو الحديث مع الآخرين لتفادي الإحراج.
  • الابتعاد عن المواقف التي قد تكون فيها موضع اهتمام.
  • القلق المسبق بشأن حدث أو موقف معين تخشاه.
  • الشعور بخوف أو قلق شديد أثناء المواقف الاجتماعية.
  • مراجعة الأداء الاجتماعي والبحث عن العيوب بعد انتهاء التفاعل.
  • التوقع المستمر لأسوأ النتائج الممكنة في المواقف الاجتماعية.

بالنسبة للأطفال، قد يظهر القلق من التعامل مع الكبار أو الأقران من خلال البكاء، أو نوبات الغضب، أو التعلق بالوالدين، أو رفض التحدث في المواقف الاجتماعية.

أعراض الرهاب الجسدية

قد يصاحب اضطراب القلق الاجتماعي مجموعة من العلامات الجسدية، منها:

  • احمرار الوجه.
  • تسارع ضربات القلب.
  • التعرق أو الارتجاف.
  • الشعور بالغثيان أو اضطراب المعدة.
  • صعوبة في التنفس.
  • الشعور بالدوار أو الدوخة.
  • فراغ الذهن.
  • توتر العضلات.

أسباب الرهاب الاجتماعي 

ينشأ الرهاب الاجتماعي كغيره من الاضطرابات النفسية، من تفاعل معقد بين العوامل البيولوجية والبيئية. وتشمل الأسباب المحتملة ما يلي:

  • الصفات الوراثية

عادة ما يكون الرهاب الاجتماعي منتشر بين أفراد بعض العائلات. ومع ذلك، لا يزال من غير الواضح تمامًا مدى تأثير الجينات مقارنة بتأثير السلوكيات المكتسبة.

  • تركيب الدماغ

يمكن أن يكون لللوزة الدماغية (Amygdala)، وهي جزء من الدماغ المسؤول عن التحكم في استجابات الخوف دورًا في هذا الاضطراب. حيث إن النشاط المفرط في اللوزة قد يؤدي إلى استجابة خوف مبالغ فيها، مما يزيد من القلق في المواقف الاجتماعية.

  • العوامل البيئية 

قد يتطور الرهاب الاجتماعي نتيجة سلوك مكتسب. فقد يظهر لدى بعض الأفراد قلق شديد بعد تعرضهم لتجارب اجتماعية سلبية أو محرجة.

كما أن هناك ارتباطًا محتملاً بين اضطراب القلق الاجتماعي وسلوكيات الآباء الذين يظهرون قلقًا في المواقف الاجتماعية أو الذين يتسمون بسيطرة مفرطة أو حماية زائدة على أطفالهم.

مضاعفات الرهاب الاجتماعي 

يمكن أن يُحدث الرهاب الاجتماعي تأثيرًا كبيرًا على حياة الفرد إذا لم يُعالج، مما يؤدي إلى تعقيدات تؤثر على العمل أو الدراسة أو العلاقات الاجتماعية وحتى القدرة على الاستمتاع بالحياة. ومن بين الآثار السلبية التي قد تنتج عن هذا الاضطراب ما يلي:

  • انخفاض الثقة بالنفس.
  • صعوبة اتخاذ القرارات.
  • التفكير السلبي والمحادثات الداخلية المحبطة.
  • حساسية مفرطة تجاه النقد.
  • ضعف في المهارات الاجتماعية.
  • الميل إلى العزلة وصعوبة بناء العلاقات الاجتماعية.
  • تدني الأداء الأكاديمي والمهني.
  • اللجوء إلى الإدمان.
  • زيادة خطر التفكير في الانتحار أو محاولة تنفيذه.

غالبًا ما يرتبط اضطراب القلق الاجتماعي بأنواع أخرى من اضطرابات القلق واضطرابات الصحة النفسية، مثل الاكتئاب الحاد ومشكلات تعاطي المخدرات.

علاج الرهاب الاجتماعي 

يعتمد علاج الرهاب الاجتماعي على مدى تأثيره في قدرة الشخص على أداء مهامه اليومية. يشمل العلاج الأكثر شيوعًا لهذا الاضطراب العلاج النفسي (الذي يُعرف أيضًا بالاستشارة النفسية أو العلاج بالكلام)، أو الأدوية، أو الجمع بين الاثنين.

العلاج النفسي 

يعد العلاج النفسي وسيلة فعالة لتخفيف الأعراض لدى معظم الأشخاص المصابين بالقلق الاجتماعي. خلال العلاج، يتعلم المريض كيفية التعرف على أفكاره السلبية وتغييرها، كما يكتسب مهارات تعزز ثقته بنفسه في المواقف الاجتماعية.

العلاج السلوكي

يُعد العلاج السلوكي المعرفي من أكثر أنواع العلاج النفسي فعالية في معالجة الرهاب الاجتماعي، وله نفس التأثير سواء كان فرديًا أو جماعيًا.

أما العلاج السلوكي المعرفي القائم على التعرض، فيركز على إعداد المريض لمواجهة المواقف التي تثير خوفه بشكل تدريجي. يساهم هذا في تحسين مهارات التكيف وتعزيز الثقة بالنفس في التعامل مع المواقف التي تسبب القلق. كما يمكن للمريض المشاركة في جلسات تدريبية أو تقمص أدوار معينة لتعزيز مهاراته الاجتماعية وزيادة شعوره بالراحة والثقة أثناء التفاعل مع الآخرين. ويُعد التعرض للمواقف الاجتماعية خطوة أساسية لمواجهة المخاوف.

أدوية علاج الرهاب الاجتماعي

تُعد مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية من الأدوية الأولى التي تُستخدم في علاج الأعراض المستمرة للرهاب الاجتماعي، رغم وجود خيارات دوائية أخرى. قد يصف الطبيب أدوية مثل باروكسيتين (Paxil) أو سيرترالين (Zoloft) لهذا الغرض.

 عادة ما يبدأ الطبيب بجرعة منخفضة من الدواء لتقليل الآثار الجانبية المحتملة، ويقوم بزيادة الجرعة تدريجيًا حتى يصل إلى الجرعة المثلى. قد يحتاج المريض إلى عدة أسابيع أو أشهر لتحقيق تحسن ملحوظ في الأعراض.

 يمكن أن يصف الطبيب أيضًا أنواعًا أخرى من الأدوية لعلاج أعراض الرهاب الاجتماعي، مثل:

  • مضادات الاكتئاب: قد يتعين على المريض تجربة عدة أنواع من مضادات الاكتئاب لتحديد الأكثر فعالية له والتي تسبب أقل قدر من الآثار الجانبية.
  • أدوية مضادة للقلق: يمكن للبنزوديازيبينات أن تساعد في تقليل مستوى القلق بشكل سريع، ولكن بسبب احتمالية تسببها في الإدمان والتخدير، تُستخدم عادة لفترات قصيرة.
  • حاصرات مستقبلات بيتا: تعمل هذه الأدوية على تقليل تأثير الأدرينالين، مما يساهم في تقليل سرعة ضربات القلب وضغط الدم وارتجاف الصوت أو الأطراف. وهي عادة ما تُستخدم في مواقف معينة، مثل إلقاء خطاب، وليست مناسبة للاستخدام الدائم في علاج الرهاب الاجتماعي.

اقرأ المزيد عن: علاج القلق والخوف والتفكير: إليك الدليل و علاج القلق النفسي بدون أدوية في 5 خطوات

ختاماً، الرهاب الاجتماعي بالانجليزي يعني (Social Anxiety) من المشكلات النفسية الشائعة التي قد تؤثر بشكل كبير على حياة الفرد اليومية وعلاقاته الاجتماعية. يُعزى سبب الرهاب الاجتماعي إلى مجموعة من العوامل النفسية والبيئية، وقد يظهر في صورة قلق مفرط من التفاعلات الاجتماعية أو الخوف من الحكم السلبي من الآخرين. ولحسن الحظ، يمكن التعامل مع مرض الرهاب الاجتماعي بفعالية من خلال أساليب علاجية متنوعة.

يشمل علاج الرهاب الاجتماعي الجلسات النفسية، مثل العلاج السلوكي المعرفي، بالإضافة إلى الأدوية في بعض الحالات. من المهم أيضاً تعزيز الدعم الاجتماعي واكتساب مهارات تساعد على مواجهة المواقف الصعبة. لذا، فإن الفهم الصحيح لمشكلة الرهاب الاجتماعي وعلاجه يفتح الأبواب لحياة أكثر راحة وثقة بالنفس.

المصادر 

Healthline

Mayo clinic 

مقالات آخرى

خدماتنا

الزيارات المنزلية

الزيارات المنزلية

في ساي كير كلينك، نفهم أن بعض الظروف قد تحول دون قدرة المرضى على زيارة العيادة. لذا، نقدم خدمة الزيارات المنزلية لضمان وصول الرعاية النفسية إلى من يحتاجها أينما كانوا.

اعرف أكثر
المقاييس النفسية والاختبارات

المقاييس النفسية والاختبارات

الاختبارات النفسية، والمعروفة أيضًا باسم المقاييس النفسية، هي أدوات موحدة تستخدم لقياس السلوك أو السمات العقلية. قد تشمل هذه السمات المواقف والذكاء والقدرات المعرفية والكفاءة والقيم والاهتمامات وخصائص الشخصية. يمكن

اعرف أكثر
طب نفسي النساء

طب نفسي النساء

يعد الحمل والإجهاض والعقم والرضاعة الطبيعية والانتقال إلى مرحلة الأمومة من التجارب الصعبة وسبب تغير نفسية المرأة وقد تؤدي إلى عدم شعور المرأة بأفضل حال، وعدم تحقيق أهدافها. طب نفسي

اعرف أكثر
طب نفسى للمراهقين

طب نفسى المراهقين

المراهقة هي فترة فريدة من عمر 10-19 سنة. يمكن أن تجعل التغيرات الجسدية والعاطفية والاجتماعية المراهقين عرضة لمشاكل الصحة العقلية. إن طب نفسى المراهقين وعلاج مشاكل المراهقين النفسية، وتعزيز التعلم

اعرف أكثر
الطب النفسي للأطفال

الطب النفسي للأطفال

الطب النفسي للأطفال هو تخصص يركز على التغيرات النفسية والاجتماعية المصاحبة لاضطرابات الصحة السلوكية والعاطفية والتنموية والعقلية للأطفال. الاضطرابات النفسية شائعة بين الأطفال، تشير بعض التقديرات إلى أن واحدًا من

اعرف أكثر
اضطراب الإدمان

اضطراب الإدمان

يشمل ادمان العقاقير والمواد المخدرة، ادمان الكحوليات، ادمان الانترنت، ادمان العادة السرية، ادمان الجنس، ادمان الاباحية والامراض النفسية، وادمان العلاقات. الإدمان هو حالة تتضمن البحث القهري عن مادة ما وتناولها

اعرف أكثر
طب نفسي المسنين

طب نفسي المسنين

وفقًا للدراسات يعاني 20٪ من البالغين فوق سن 60 عامًا من مشاكل تتعلق بصحتهم العقلية. تشمل المشكلات النفسية التي تواجه كبار السن الأكثر شيوعًا القلق والاكتئاب واضطرابات المزاج الأخرى وضعف

اعرف أكثر
الطب النفسي العام

الطب النفسي العام

يشمل الطب النفسي العام الاضطرابات الذهانية بأنواعها، اضطرابات المزاج، اضطرابات القلق، اضطراب الوسواس القهري، اضطرابات الأكل أو الطعام بأنواعه، الاضطرابات الجنسية، الاضطراب العصبي الوظيفي، اضطراب العرض الجسدي، واضطرابات الشخصية بأنواعها،

اعرف أكثر