هوس نتف الشعر (Trichotillomania)، المعروف أيضًا باضطراب نتف الشعر أو متلازمة نتف الشعر، هو حالة صحية نفسية. تتضمن هذه الحالة رغبات متكررة لا يمكن مقاومتها لنتف الشعر من الجذور، سواء كان ذلك من فروة الرأس، الحاجبين، أو مناطق أخرى من الجسم. قد تحاول مقاومة هذه الرغبات، لكنك تجد صعوبة في التوقف. يُعتبر هوس نتف الشعر جزءًا من مجموعة اضطرابات تُعرف بالسلوكيات المتكررة التي تركز على الجسم.
عادةً ما يترك نتف الشعر من فروة الرأس بقعًا صلعاء متفرقة، مما قد يسبب الكثير من الضيق ويؤثر على حياتك العملية والدراسية والاجتماعية. قد تلجأ إلى بذل جهود كبيرة لإخفاء فقدان الشعر الناتج عن شد الشعر.
بالنسبة لبعض الأشخاص، قد يكون هوس نتف الشعر خفيفًا ويمكن التحكم فيه. أما بالنسبة لآخرين، فقد تكون الرغبة التلقائية أو المتعمدة لشد الشعر من الجذور عبئًا عاطفيًا كبيرًا. ومع ذلك، هناك خيارات علاجية قد تساعد في تقليل نتف الشعر أو إيقافه تمامًا.
أسباب هوس نتف الشعر
هوس نتف الشعر (Trichotillomania) لا يُعرف له سبب محدد حتى الآن. ومع ذلك، يُعتقد أنه ينجم عن مزيج من العوامل الوراثية والسلوكيات المكتسبة.
عوامل تزيد من خطر الإصابة
تتعدد العوامل التي قد تسهم في زيادة احتمالية الإصابة بهذا الاضطراب، ومنها:
- التاريخ العائلي
قد تكون الوراثة عاملًا مؤثرًا في ظهور هوس نتف الشعر. فمن المرجح أن يصاب به الأشخاص الذين لديهم أقارب يعانون من نفس الحالة.
- مشاكل صحية
قد يعاني بعض الأشخاص من مشكلات في الجلد أو الشعر تسبب لهم انزعاجًا، مما يدفعهم إلى التركيز على نتف الشعر أو العبث بفروة الرأس.
- الفئة العمرية
عادةً ما يظهر هذا الاضطراب في مرحلة ما قبل أو بداية المراهقة، خصوصًا بين سن 10 إلى 13 عامًا. وفي بعض الحالات، قد يستمر مدى الحياة. أما لدى الرضع، فقد يظهر سلوك نتف الشعر بشكل بسيط ومؤقت ويختفي من تلقاء نفسه دون الحاجة إلى علاج.
- اضطرابات نفسية
قد يرتبط هوس نتف الشعر باضطرابات أخرى مثل الاكتئاب أو القلق أو اضطراب الوسواس القهري.
- التوتر النفسي
قد تكون المواقف أو الأحداث التي تسبب توترًا شديدًا من العوامل المحفزة لظهور هوس نتف الشعر لدى بعض الأفراد.
- البيئة المحيطة
عوامل مثل الشعور بالملل، العزلة، أو التواجد في أماكن خاصة قد تزيد من احتمالية قيام الشخص بنتف الشعر.
أعراض نتف الشعر
وفقًا لما ورد في الإصدار الخامس من دليل الجمعية الأمريكية للطب النفسي لتشخيص الاضطرابات النفسية (DSM-5)، يتطلب تشخيص هوس نتف الشعر (TTM) استيفاء الشخص للمعايير التالية:
- القيام بنتف الشعر بشكل متكرر مما يؤدي إلى تساقطه.
- محاولات متكررة للتقليل من هذا السلوك أو التوقف عنه، دون نجاح.
- تأثير هذا السلوك بشكل سلبي على حياة الشخص، خاصة فيما يتعلق بالعمل أو العلاقات الاجتماعية.
- ألا يكون تساقط الشعر أو نتفه ناتجًا عن حالة صحية أخرى، مثل اضطرابات الجلد.
- ألا يكون نتف الشعر مرتبطًا باضطراب نفسي آخر، مثل اضطراب التشوه الجسمي، حيث ينتف الشخص شعره لمحاولة إصلاح عيب يراه في مظهره.
بعض الأشخاص الذين يعانون من اضطراب نتف الشعر قد يقومون بذلك عمدًا، كأن ينتفوا شعرة تبدو غير متناسقة أو مختلفة عن غيرها. بينما يقوم آخرون بهذه العادة بشكل غير واعٍ، دون أن يدركوا ما يفعلونه.
مضاعفات هوس نتف الشعر
على الرغم من أن النساء هن الأكثر طلبًا للعلاج من هذا الاضطراب، إلا أن هذا قد يكون نتيجة لميلهن الأكبر إلى البحث عن الرعاية الطبية. وفي مرحلة الطفولة المبكرة، يظهر هوس نتف الشعر بمعدلات متساوية بين الفتيان والفتيات.
بالرغم من أن هوس نتف الشعر قد يبدو غير خطير، إلا أنه يمكن أن يترك تأثيرات سلبية على حياة الفرد، مثل:
- التوتر العاطفي
قد يعاني المصابون من مشاعر الإحباط والخجل والحرج بسبب تساقط الشعر وصعوبة التحكم في السلوك. يمكن أن يؤدي ذلك إلى انخفاض الثقة بالنفس، والاكتئاب، والقلق، وأحيانًا إلى مشكلات مرتبطة بتعاطي الكحول أو الأدوية.
- مشكلات في الحياة الاجتماعية والمهنية
قد يدفع تساقط الشعر البعض إلى تجنب الأنشطة الاجتماعية أو الابتعاد عن الدراسة والعمل. وقد يلجأ المصابون إلى استخدام الشعر المستعار، أو تصفيف الشعر لإخفاء المناطق المصابة، أو تركيب رموش صناعية. كما يمكن أن يتجنبوا العلاقات الحميمة خشية كشف حالتهم.
- تغيرات في الجلد والأظافر
قد يتسبب شد الشعر المستمر في تندب، والتهابات، وأضرار أخرى بفروة الرأس أو المناطق المصابة، مما قد يؤثر بشكل دائم على نمو الشعر.
- تكون كرات الشعر
في بعض الحالات، قد يؤدي تناول الشعر إلى تكوّن كرات شعرية كبيرة تتراكم داخل الجهاز الهضمي. ومع مرور الوقت، قد تتسبب هذه الكرات في مشكلات مثل فقدان الوزن، والقيء، وانسداد الأمعاء.
هذا السلوك قد يبدو بسيطًا، ولكنه يمكن أن يؤثر بشكل كبير على الصحة النفسية والجسدية للمصابين به.
علاج نتف الشعر
علاج اضطراب شد الشعر (TTM) يتضمن غالباً العلاج النفسي، الأدوية، أو مزيجاً من الاثنين معاً. تشير الأبحاث الحديثة إلى أن بعض الأدوية المستخدمة لعلاج اضطرابات نفسية أخرى قد تكون مفيدة لهذا الاضطراب، لكن ما زال هناك حاجة لمزيد من الدراسات لتحديد أدوية قياسية للعلاج.
الأدوية والعلاجات المستخدمة:
غالباً ما تكون الأدوية وحدها غير كافية لعلاج اضطراب شد الشعر، لذا يلجأ الأطباء إلى دمجها مع أساليب علاجية أخرى. تشمل الأدوية التي قد تساعد على العلاج:
- مضادات الاكتئاب
مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية (SSRIs) ومضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات قد تساعد أحياناً في تقليل الرغبة في شد الشعر.
- مضادات الذهان
تساهم في تحقيق توازن كيمياء الدماغ. على الرغم من تسميتها، فإن هذه الأدوية تُستخدم لعلاج حالات متعددة مثل الخرف، اضطراب ثنائي القطب، والفصام.
- مضادات التشنج
تُستخدم عادة لعلاج النوبات واضطرابات حركة العضلات، لكنها قد تكون مفيدة أيضاً في علاج اضطراب شد الشعر.
- المكملات الغذائية (Nutraceuticals)
منتجات غذائية مثل مكملات الأحماض الأمينية التي قد تساعد في علاج بعض الحالات الصحية.
- علاج عكس العادات
يركز هذا العلاج على زيادة وعي الفرد بسلوكياته وأنماط نشاطه. يساعد هذا الأسلوب على كسر العادات، مثل شد الشعر، وهو الأسلوب العلاجي الأكثر نجاحاً لعلاج اضطراب شد الشعر.
- العلاج الجماعي ودعم الأقران
قد يستفيد الأشخاص المصابون باضطراب شد الشعر من أنواع معينة من العلاج الجماعي أو مجموعات الدعم.
باختصار، يعتبر العلاج الشامل الذي يجمع بين الأدوية والعلاج النفسي الخيار الأكثر فعالية لعلاج هذا الاضطراب.
هل توجد حالات شفيت من نتف الشعر؟
أثبتت الدراسات أن العلاج النفسي يمكن أن يُحدث تحسنًا كبيرًا في حالات كثيرة. على سبيل المثال، هناك حالات تغلبت على هذا الاضطراب عبر الالتزام ببرامج علاجية مكثفة تجمع بين العلاج السلوكي والأدوية، مما ساعد المرضى على استعادة السيطرة على حياتهم وتقليل أعراض نتف الشعر تدريجيًا. من المهم أن يبدأ العلاج في وقت مبكر لتجنب المضاعفات النفسية والجسدية المرتبطة بالسلوك.
وختاماً هوس نتف الشعر، المعروف أيضًا باضطراب شد خصل الشعر (Trichotillomania)، يمكن القول إنه اضطراب نفسي معقد يتسم برغبة قهرية لنتف الشعر أو شد الشعر من الجذور، مما يؤدي إلى تأثيرات جسدية ونفسية سلبية. غالبًا ما يرتبط هذا الاضطراب بعوامل وراثية أو بيئية، بالإضافة إلى محفزات عاطفية مثل التوتر أو القلق.
يتطلب علاج نتف الشعر تدخلًا علاجيًا متعدد الجوانب يشمل العلاج السلوكي المعرفي وتقنيات إدارة التوتر، بالإضافة إلى الأدوية في بعض الحالات. تُظهر الأبحاث أن تقديم الدعم النفسي والاجتماعي للأفراد المتأثرين يساهم في تحسين حياتهم بشكل كبير وتقليل آثار هذا الاضطراب، المعروف أيضًا بـمتلازمة نتف الشعر، على صحتهم العامة.
المصادر
