مرض فقدان الشهية النفسي، ويُسمَّى أحياناً فقدان الشهية العصبي هو أحد اضطرابات الأكل التي يمكن علاجها، ويؤدي إلى انخفاض وزن الجسم مقارنةً بالوزن الأصلي للشخص. وعلى الرغم من أن العديد من الأشخاص المصابين بـ مرض فقدان الشهية النفسي (anorexia) تظهر عليهم النحافة الشديدة، فإن بعضهم قد لا يبدو نحيفًا، بينما قد يكون البعض الآخر زائد الوزن. لكنهم في الحقيقة إما فقدوا وزنهم أو لم يتمكنوا من اكتساب الوزن المناسب.
غالبًا ما يكون لدى الأشخاص المصابين بـ فقدان الشهية العصبي خوف شديد من زيادة الوزن، وقد يعتقدون أنهم مصابون بزيادة الوزن حتى إذا كانوا نحيفين. وغالبًا ما يُحَدِّد الأشخاص الذين لديهم اضطرابات الأكل مثل فقدان الشهية كمية الطعام التي يتناولونها أو نوعه لمنع زيادة الوزن أو للاستمرار في فقدان الوزن.
أسباب مرض فقدان الشهية النفسي
لا توجد أسباب معروفة لمرض فقدان الشهية النفسي. وكما هو الحال في العديد من اضطرابات الأكل، قد يرجع إلى مجموعة من العوامل:
- الخصائص الوراثية: على الرغم من أنه لم يتضح بعد نوع الجينات التي تسبب مرض فقدان الشهية، فإن التغيرات الجينية قد تجعلك أكثر عرضة للإصابة بأمراض اضطرابات الأكل فقدان الشهية كمثال.
- الصحة العقلية: يمتلك الأشخاص المصابون بمرض فقدان الشهية النفسي أحيانًا السمات الشخصية لاضطراب الوسواس القهري، مما يجعل من السهل الالتزام بأنظمة غذائية قاسية وعدم تناول الطعام حتى عند الجوع. وقد يحاولون أيضًا أن يكونوا مثاليين في كل ما يفعلونه.
- العوامل البيئية: تركز الثقافة الحديثة كثيرًا على النحافة، مما يساهم في اضطرابات الأكل، مثل فقدان الشهية. وتؤدي وسائل التواصل الاجتماعي دورًا كبيرًا في ذلك، حيث قد يؤدي ضغط الأقران إلى رغبتك في أن تكون نحيفًا أو رشيقًا أو لديك عضلات. وقد يؤدي الضغط المستمر لاتباع نظام غذائي صحي إلى عادات غذائية صارمة للغاية، والتي يمكن أن تتحول إلى مرض فقدان الشهية النفسي.
أعراض مرض فقدان الشهية النفسي
مرض فقدان الشهية النفسي، المعروف أيضًا باسم فقدان الشهية العصبي أو Anorexia مرض، لا يقتصر فقط على انخفاض الوزن، بل يتضمن علامات وأعراضًا جسدية، سلوكية، وعقلية.
لا يمكن الحكم على إصابة شخص ما بـ مرض فقدان الشهية بمجرد النظر إليه، حيث لا يشترط أن يكون المصاب لديه نقص واضح في الوزن (مؤشر كتلة الجسم أقل من 18.5). فهناك أشخاص يعانون من فقدان الشهية العصبي غير النمطي رغم أن وزنهم ضمن المعدل الطبيعي. كما أن انخفاض الوزن لا يعني بالضرورة الإصابة بـمرض Anorexia.
ومن أعراض فقدان الشهية النفسي الأعراض العقلية والعاطفية ومنها ما يلي :
- خوف شديد من اكتساب الوزن.
- صورة ذاتية مشوهة للجسم وعدم القدرة على تقييم الوزن وشكل الجسم بواقعية.
- اهتمام مفرط بالسعرات الحرارية والأنظمة الغذائية.
- خوف من تناول أطعمة معينة أو مجموعات غذائية محددة.
- انتقاد الذات بشكل مستمر.
- إنكار خطورة انخفاض الوزن أو تقليل تناول الطعام.
- الشعور بحاجة قوية للتحكم في كل شيء.
قد يصاحب مرض فقدان الشهية النفسي اضطرابات نفسية أخرى، ومن الأعراض السلوكية لمرض فقدان الشهية النفسي ما يلي:
- اتباع عادات غذائية غير معتادة، مثل ترتيب الطعام بطريقة معينة أو تناول الأطعمة بترتيب محدد.
- تغيير مفاجئ في تفضيلات الطعام، كالتوقف عن تناول مجموعات غذائية معينة.
- تكرار الشكوى من الشعور بالسمنة رغم فقدان الوزن.
- اللجوء إلى القيء المتعمد أو استخدام الملينات ومدرات البول.
- الذهاب إلى الحمام مباشرة بعد الأكل.
- استخدام أدوية فقدان الوزن أو مثبطات الشهية بشكل غير مناسب.
- ممارسة التمارين الرياضية بشكل مفرط وقهري.
- الاستمرار في تقليل السعرات الحرارية رغم انخفاض الوزن عن المعدل الطبيعي وفقًا للعمر والطول والجنس.
- ارتداء ملابس فضفاضة أو متعددة الطبقات لإخفاء فقدان الوزن والشعور بالدفء.
- العزلة الاجتماعية والابتعاد عن العائلة والأصدقاء.
كما قد يؤدي الجوع وسوء التغذية الناتجان عن مرض فقدان الشهية العصبي إلى ظهور أعراض جسدية أخرى، وأعراض فقدان الشهية النفسي الجسدية ما يلي:
- الدوخة أو الإغماء.
- الشعور بالتعب والإرهاق.
- اضطراب في نبضات القلب.
- انخفاض ضغط الدم.
- الإحساس بالبرودة المستمرة.
- انقطاع أو عدم انتظام الدورة الشهرية لدى النساء.
- انتفاخ المعدة أو الشعور بألم فيها.
- ضعف العضلات وفقدان الكتلة العضلية.
- جفاف البشرة، هشاشة الأظافر، وتساقط الشعر.
- بطء التئام الجروح وكثرة التعرض للأمراض.
فهم أعراض فقدان الشهية النفسي يساعد في التعرف على مرض فقدان الشهية العصبي مبكرًا، مما يسهم في الحصول على الدعم والعلاج المناسب.
عوامل خطر مرض فقدان الشهية النفسي
يؤثر فقدان الشهية العصبي في كل الأشخاص من مختلف الهويات الجنسية والأعراق والأعمار وأنواع الأجسام.
كما أن مرض فقدان الشهية النفسي أكثر شيوعًا بين المراهقين، على الرغم من أن الأشخاص في أي عمر يمكن أن يصابوا باضطراب الشهية هذا.
يعدّ المراهقون أكثر عرضة للخطر نتيجة التغيرات التي تطرأ على أجسامهم خلال مرحلة البلوغ. كما أنهم قد يواجهون ضغوطًا متزايدة من أقرانهم، مما يجعلهم أكثر حساسية تجاه النقد أو حتى التعليقات العفوية حول الوزن أو شكل الجسم.
تزيد بعض العوامل خطر الإصابة بـمرض فقدان الشهية وغيره من اضطرابات الشهية، بما في ذلك ما يأتي:
- التاريخ المَرضي للعائلة
إذا كان لديك قريب من الدرجة الأولى والد أو شقيق أو طفل مصاب بـفقدان الشهية العصبي، فستكون عرضة بشكل أكبر لخطر الإصابة به.
الأشخاص الذين سبق وتعرضوا للتنمر أو المضايقات بسبب وزنهم يكونون أكثر عرضة للإصابة باضطرابات الشهية. ويشمل ذلك من واجهوا الإحراج من قبل زملائهم أو أفراد عائلاتهم أو مدربيهم أو غيرهم بسبب وزنهم.
- اتباع أنظمة غذائية سابقة
تزيد سلوكيات النظام الغذائي خطر الإصابة بـفقدان الشهية النفسي، الأشخاص الذين يلتزمون بحمية غذائية باستمرار ويشهدون تذبذبًا في وزنهم، حيث ينخفض عند اتباع نظام غذائي جديد ثم يعود للارتفاع عند التوقف عنه، قد يكونون عرضة للإصابة باضطرابات الشهية.
- التغيرات الكبيرة
يمكن أن تؤدي التغيرات الكبيرة إلى توتر عاطفي وتزيد خطر الإصابة بـمرض فقدان الشهية النفسي.
تشمل هذه التغيرات الانتقال إلى مدرسة جديدة أو منزل جديد أو وظيفة مختلفة، بالإضافة إلى الانفصال عن شريك أو فقدان شخص عزيز.
تشخيص مرض فقدان الشهية النفسي
يمكن للطبيب تشخيص مرض فقدان الشهية النفسي، أو مرض anorexia، استنادًا إلى المعايير المذكورة في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM-5). وتشمل هذه المعايير الثلاثة:
- التقليل الشديد من استهلاك السعرات الحرارية، مما يؤدي إلى فقدان الوزن أو عدم اكتسابه، ما ينتج عنه انخفاض ملحوظ في الوزن مقارنةً بالعمر والجنس والطول ومرحلة النمو.
- الخوف الشديد من زيادة الوزن أو اكتساب الدهون.
- نظرة مشوهة للذات وعدم إدراك خطورة الحالة الصحية.
يصنّف DSM-5 شدة فقدان الشهية العصبي وفقًا لمؤشر كتلة الجسم (BMI).أما الأشخاص الذين تنطبق عليهم معايير التشخيص لكنهم لا يعانون من نقص الوزن رغم فقدانهم لكميات كبيرة منه، فيُشخَّصون بحالة تُعرف بـ فقدان الشهية غير النمطي.
إذا ظهرت لديك أعراض مرض فقدان الشهية النفسي، سيجري الطبيب تقييمًا شاملاً يتضمن التاريخ الطبي والفحص البدني، كما سيطرح عليك بعض الأسئلة المتعلقة بـ علاج فقدان الشهية النفسي واستراتيجيات التعامل معه.
علاج فقدان الشهية النفسي
يُعدّ التحدي الأكبر في علاج فقدان الشهية النفسي هو مساعدة المريض على إدراك خطورة حالته والاعتراف بها. فكثير من المصابين بهذا الاضطراب ينكرون معاناتهم منه، ولا يلجؤون إلى طلب المساعدة الطبية إلا بعد تدهور حالتهم الصحية بشكل يهدد حياتهم. لهذا السبب، يُعدّ الكشف المبكر عن المرض وبدء العلاج في مراحله الأولى أمرًا بالغ الأهمية.
أهداف علاج فقدان الشهية النفسي تشمل:
- إيقاف فقدان الوزن واستقراره عند مستوى صحي.
- البدء في إعادة تأهيل التغذية لاستعادة الوزن الطبيعي.
- التخلص من السلوكيات غير الصحية مثل نوبات الإفراط في الأكل أو التقيؤ المتعمد.
- معالجة المشكلات النفسية المرتبطة بالمرض، مثل تدني احترام الذات والتصور المشوّه للجسم.
- تطوير عادات وسلوكيات صحية طويلة الأمد.
غالبًا ما يعاني مصابون اضطرابات الأكل بما في ذلك فقدان الشهية العصبي، من مشكلات نفسية أخرى، مثل:
- الاكتئاب واضطرابات المزاج.
- القلق.
- اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD).
- اضطراب الشخصية الحدية.
- الوسواس القهري.
- اضطرابات تعاطي المخدرات.
هذه المشكلات قد تزيد من تعقيد الحالة، لذا يجب أن يشمل العلاج التعامل مع أي اضطرابات نفسية مصاحبة.
يعتمد نوع علاج مرض فقدان الشهية النفسي على حالة المريض ومدى تدهور وضعه الصحي والنفسي. قد يتم العلاج في مستشفى أو مركز رعاية متخصص (علاج داخلي) أو من خلال جلسات خارجية حسب الحاجة. في العادة، يتضمن علاج فقدان الشهية النفسي مزيجًا من:
- العلاج النفسي، سواء بشكل فردي أو ضمن مجموعات دعم.
- الأدوية عند الحاجة.
- التنويم في المستشفى في الحالات الحرجة.
يُعدّ العلاج متعدد الجوانب هو الأكثر فاعلية، حيث يجمع بين الدعم النفسي والتغذوي والطبي لمساعدة المريض على التعافي واستعادة نمط حياة صحي.
مضاعفات فقدان الشهية النفسي
قد يصاحب مرض فقدان الشهية النفسي (anorexia) العديد من المضاعفات، والتي قد تصبح خطيرة لدرجة تشكل تهديدًا للحياة. وفي بعض الحالات، قد يؤدي المرض إلى الوفاة المفاجئة، حتى وإن لم يكن فقدان الوزن يبدو مفرطًا. كما أن اضطراب نظم القلب، المعروف أيضًا بعدم انتظام ضربات القلب، قد يكون سببًا في الوفاة. بالإضافة إلى ذلك، فإن اختلال توازن المعادن مثل الصوديوم والبوتاسيوم والكالسيوم المسؤولة عن تنظيم توازن السوائل في الجسم، قد يؤدي أيضًا إلى نتائج مميتة.
وتتضمن المضاعفات الأخرى لـمرض فقدان الشهية النفسي ما يأتي:
- فقر الدم.
- هناك بعض أمراض القلب الأخرى، مثل تدلي الصمام التاجي وفشل القلب.
- كما أن فقدان الكتلة العظمية، المعروف باسم هشاشة العظام، قد يؤدي إلى زيادة خطر التعرض للكسور.
- نقص الكتلة العضلية.
- مشكلات في المعدة، مثل الإمساك والانتفاخ والغثيان.
- مشكلات في الكلى.
- يمكن أن يؤدي مرض فقدان الشهية العصبي إلى انقطاع الدورة الشهرية لدى الإناث. كما يمكن أن يؤدي إلى انخفاض هرمون التستوستيرون لدى الذكور.
بالإضافة إلى المضاعفات الجسدية، قد تعاني أيضًا من أعراض وأمراض أخرى مرتبطة بالصحة العقلية، مثل ما يلي:
- الاكتئاب واضطرابات المزاج الأخرى.
- القلق.
- اضطرابات الشخصية.
- اضطرابات الوسواس القهري.
- إدمان الكحوليات والمواد المخدِّرة الأخرى.
في الختام، يُعَدُّ فقدان الشهية العصبي أحد اضطرابات الأكل الخطيرة التي تتطلب اهتمامًا طبيًا ونفسيًا متكاملًا. يؤثر هذا الاضطراب على الصحة الجسدية والعقلية، وقد يتسبب في مضاعفات خطيرة إذا لم يُعالَج بشكل مناسب
لذلك، من الضروري تقديم الدعم اللازم للمصابين بهذا الاضطراب، بما في ذلك الرعاية الطبية، والعلاج النفسي، والإرشاد الغذائي، لضمان استعادة الصحة والتوازن النفسي والجسدي. كما أن التوعية حول أعراض فقدان الشهية النفسي تساهم في الكشف المبكر عنه، مما يسهل عملية العلاج ويحد من تطور مضاعفاته.
المصادر